"الانفصال الكبير" أو The Great Detachment هو مصطلح صاغته شركة Gallup لوصف موجة الانفصال العاطفي الحالية بين الموظفين ووظائفهم في جميع أنحاء أمريكا. على عكس ظاهرة “الاستقالة الكبرى” في عام ٢٠٢١م، حيث سعى الموظفون بنشاط للحصول على فرص جديدة، يعكس هذا المصطلح الجديد إحساسًا متزايدًا لدى الموظفين بأنهم "عالقون" بسبب الظروف الاقتصادية وتباطؤ سوق العمل، مما يجعل الانتقال إلى وظائف جديدة أمرًا صعبًا. ورغم أن معدلات الاستقالة قد انخفضت، فإن استياء الموظفين يشكل مخاطر خفية على المنظمات، بما في ذلك انخفاض الإنتاجية ومقاومة مبادرات التغيير. فالموظفون في جميع أنحاء أمريكا ناشطون في البحث عن وظائف بنسبة تاريخية هي الأعلى منذ ٢٠١٥ وفي نفس الوقت عادت مستويات الرضا الوظيفي لأدنى مستوياتها منذ الجائحة عند ١٨٪ فقط.
أسباب الانفصال الكبير
- التغيير التنظيمي السريع: منذ عام 2020، واجهت الشركات اضطرابات كبيرة مثل التغيرات في الهيكل التنظيمي والضغط المتواصل لخفض النفقات. يشعر الموظفون بالإرهاق من التغيرات المستمرة، بينما يكافح المديرون لتحقيق الاستقرار في فرقهم.
- تحديات العمل الهجين Hybrid والعمل عن بعد Remote: على الرغم من الفوائد التي يقدمها، فقد أظهر نموذج العمل الهجين والعمل عن بعد فجوات في التواصل وانفصالًا عاطفيًا عن أهداف المؤسسة.
-
تغير توقعات العملاء: بعد الجائحة، أصبحت توقعات العملاء أعلى، لا سيما في التجارب الرقمية، مما يزيد الضغط على الموظفين.
- تطور توقعات الموظفين: أصبح الموظفون يركزون بشكل أكبر على التوازن بين العمل والحياة، والتعويضات التنافسية، والمرونة في العمل عن بُعد. الشركات التي لا تلبي هذه التوقعات تواجه خطر شعور الموظفين بعدم التقدير.
- نظم إدارة الأداء الضعيفة: تفتقر العديد من المؤسسات إلى أنظمة فعالة لتحديد التوقعات أو الاعتراف بالإنجازات أو تطوير الموظفين. يؤدي هذا النقص إلى فقدان التوجيه والحافز.
حددت Gallup مجالين رئيسيين يمكن للقادة التركيز عليهما لإحياء الارتباط الوظيفي:
1. إعادة ضبط التوقعات والأولويات: انخفض وضوح التوقعات لدى الموظفين إلى مستويات مقلقة ولمواجهة ذلك لابد من:
- التعاون مع الموظفين لتحديد الأولويات.
- مواءمة المهام الفردية مع أهداف الفريق.
- مراجعة التوقعات بانتظام مع تغيّر الأعباء.
- مراعاة التوازن بين العمل والحياة.
النتيجة: وضوح أكبر يؤدي إلى زيادة الربحية بنسبة 9% وتحسين جودة العمل بنسبة 11%.
2. ربط المساهمات الفردية بالرسالة والقيم: يبحث الموظفون عن معنى في عملهم يتماشى مع قيم المؤسسة. ولكن، 30% فقط يشعرون بهذا الاتصال، ولتحسين ذلك لابد من:
- مشاركة رؤية ملهمة للمؤسسة.
- توضيح أهمية أدوار الموظفين في تحقيق الأهداف الكبرى.
- الاحتفال بقصص الموظفين التي تعكس الفخر بعملهم.
- التأكد من توافق التجارب اليومية مع القيم المؤسسية.
النتيجة: تحسين هذا الارتباط يقلل من معدل الدوران بنسبة 32% ويعزز الإنتاجية بنسبة 15%.
الخلاصة:
تسلط ظاهرة “الانفصال الكبير” الضوء على الحاجة إلى إعادة بناء الثقة والانتماء في بيئة العمل. من خلال معالجة تحديات وضوح التوقعات وضعف الاتصال بالرسالة، يمكن للمؤسسات تحويل المخاطر إلى نقاط قوة، مما يؤدي إلى قوة عاملة أكثر التزامًا، وثقافة أقوى، ونمو مستدام.