العقلية في بيئة العمل تلعب دورًا محوريًا في تحديد نجاح الفرد داخل المنظمة. وعند الحديث عن "ذهنية الأستاذ" مقابل "ذهنية المستجد"، فإننا لا نشير إلى فارق العمر أو المنصب، بل إلى طريقة التفكير والتعامل مع المهام والأهداف. قد نجد أحيانًا قائدًا كبيرًا في منظمة يعمل بذهنية المستجد، كما قد نجد موظفًا جديدًا يتبنى ذهنية الأستاذ. هنا تظهر الفروقات بين الذهنية المنتجة والذهنية المشغولة.
ذهنية الأستاذ: التركيز على الإنتاجية والتقدم
ذهنية الأستاذ هي تلك التي تتمحور حول الإنجاز الفعلي وإحراز التقدم. الشخص الذي يتبنى هذه الذهنية يضع نصب عينيه الهدف النهائي ويسعى لتحقيقه بأكثر الطرق كفاءة. الذهنية المنتجة لا تعني أن الشخص لا يهتم بالتفاصيل، بل إنه يدرك أن التفاصيل ليست هي الغاية، بل وسيلة لتحقيق الأهداف الأكبر. هذه الذهنية تتسم بتركيز واضح على:
1. النتائج والأثر: الفرد الذي يتبنى ذهنية الأستاذ يركز على ما سيتم تحقيقه في النهاية، وليس فقط على الخطوات أو العمليات. الهدف هو الأثر النهائي للمهام التي يقوم بها.
2. التوجه نحو الحلول: عندما تواجهه مشكلة، يبحث عن الحلول بفعالية ويعمل على إيجاد طرق سريعة للتغلب عليها دون الغرق في التفاصيل التي قد تعرقل التقدم.
3. إدارة الوقت بفعالية: الأستاذ يدرك أن الوقت هو مورد ثمين، وبالتالي يخصص وقته لما يحقق أكبر قيمة مضافة، متجنبًا الانشغال غير المثمر.
4. التركيز على الأهم: الذهنية المنتجة تعرف كيف تفرق بين ما هو مهم وما هو ثانوي. ليس كل ما يُنجز يستحق الأولوية، ويعرف الأستاذ كيف يحدد الأولويات ويعمل وفقها.
ذهنية المستجد: التركيز على المشغولية والاهتمام بالتفاصيل
ذهنية المستجد، في المقابل، غالبًا ما تكون غارقة في التفاصيل والعمليات اليومية. الشخص الذي يتبنى هذه الذهنية يشعر بالحاجة إلى إتمام كل شيء بنفسه، ويعتقد أن كونه مشغولًا يعني بالضرورة أنه منتج. هذه الذهنية تتميز بعدة جوانب:
1. التركيز على العمليات بدل النتائج: الفرد الذي يتبنى ذهنية المستجد غالبًا ما يكون عالقًا في التفاصيل الصغيرة التي قد لا تكون بالضرورة مفيدة لتحقيق الهدف الأكبر.
2. القلق حول الكمال: المستجد يسعى للكمال في كل جانب، حتى وإن كانت هذه الجوانب غير مؤثرة على النتيجة النهائية. هذا القلق يبطئ التقدم ويجعل الأمور تبدو أصعب مما هي عليه.
3. انعدام القدرة على التفويض: بسبب الحاجة إلى السيطرة على كل شيء، يجد المستجد صعوبة في تفويض المهام للآخرين، مما يزيد من أعبائه ويقلل من فاعليته.
4. الخلط بين الانشغال والإنتاجية: ذهنية المستجد تربط بين الانشغال والإنجاز، في حين أن الشخص قد يكون مشغولًا طوال اليوم دون أن يحقق أي تقدم حقيقي نحو الأهداف الرئيسية.
الفرق بين الذهنيتين: أن تكون منتجًا أو تكون مشغولًا
إن الفارق الرئيسي بين ذهنية الأستاذ وذهنية المستجد يتمثل في الفارق بين أن تكون منتجًا أو أن تكون مشغولًا. الذهنية المنتجة تركز على ما يتم تحقيقه بالفعل، وعلى إحراز تقدم ملموس. أما الذهنية المشغولة، فتكون غارقة في التفاصيل والمهام الصغيرة التي قد لا تؤدي بالضرورة إلى نتائج حقيقية.
مثال عملي: يمكن أن نتصور قائد فريق يتعامل بذهنية المستجد، حيث يكون مشغولًا طوال اليوم بالتحقق من كل تقرير وتفصيل صغير، معتقدًا أن هذا هو ما يضمن جودة العمل. في المقابل، نجد موظفًا جديدًا يتبنى ذهنية الأستاذ، يركز على تحديد الأولويات وتنفيذ المهام الأكثر أهمية لتحقيق النتائج المطلوبة.
كيف تتحول من ذهنية المستجد إلى ذهنية الأستاذ؟
- التفكير في الأثر: بدلاً من التركيز على المهام الفردية، حاول دائمًا التفكير في النتيجة النهائية والأثر الذي تريد تحقيقه.
- التعلم من التجارب: كل مهمة تقوم بها هي فرصة للتعلم. الشخص الذي يتبنى ذهنية الأستاذ يستفيد من الخبرات السابقة لتسريع التقدم في المهام المستقبلية.
- التفويض الفعّال: تعلم كيف تثق في زملائك وتفوض المهام التي يمكن أن يقوموا بها بفعالية، مع التركيز على المهام التي تضيف أكبر قيمة.
- إدارة الوقت بذكاء: حاول دائمًا التركيز على الأنشطة التي تقود إلى تحقيق الأهداف الأكبر، وتجنب الانشغال بما هو غير مهم.
خلاصة
الذهنية، سواء كانت ذهنية الأستاذ أو المستجد، لا ترتبط بالمنصب أو الخبرة، بل بالطريقة التي نفكر ونعمل بها. الشخص الذي يتبنى ذهنية الأستاذ يركز على الإنتاجية وتحقيق الأهداف، في حين أن ذهنية المستجد تغرق في المشغولية والتفاصيل. لتحويل نفسك إلى شخص منتج، عليك التركيز على الأثر النهائي والتفويض، والتعلم من التجارب، وإدارة الوقت بذكاء.